أعربت الحكومة المكسيكية عن ثقتها الكبيرة في أنها قادرة على التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لتجنب فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الصادرات المكسيكية، والتي لوّح بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مؤخراً في إطار خطابه الانتخابي والمفاوضات الجارية. وفي تصريح للرئيسة المكسيكية، كلوديا شينباوم، خلال زيارتها لإحدى الولايات الحدودية، أكدت أن المكسيك اعتادت التعامل مع مثل هذه الضغوط ولديها سجل إيجابي في إيجاد حلول سلمية تضمن مصالح الطرفين.
وأضافت شينباوم: «لدينا سوابق ناجحة مع الضغوط الأمريكية، والمفاوضات جارية مع إدارة واشنطن. نعمل لكي نحمي الاقتصاد المكسيكي ونحافظ على العلاقات التجارية القوية مع الولايات المتحدة».
خلفية: تصاعد التوترات بين المكسيك وأمريكا
شهدت الأسابيع الأخيرة توتراً متزايداً بين الجانبين، حيث اتخذت السلطات الأمريكية إجراءات ضد تدفق المهاجرين من الحدود المكسيكية، وأغلقت بعض المعابر أمام الماشية بسبب اكتشاف طفيليات في مناطق حدودية، بالإضافة إلى انتقادات المدعية العامة الأمريكية بام بوندي، التي وصفت المكسيك بأنها «خصم تجاري». كما أعلن مكتب وزارة الخزانة الأمريكية عن فرض عقوبات على شركات مالية مكسيكية متهمة بغسل الأموال لصالح عصابات تهريب الفنتانيل الخطير. هذه المستجدات تأتي في ظل اتهامات من ترامب بأن المكسيك لا تبذل ما يكفي من الجهود لمكافحة العصابات وتجفيف منابع المخدرات.
الموقع الاقتصادي للمكسيك وحسابات الربح والخسارة
يرى خبراء اقتصاد مثل فيليبي هيرنانديز من بلومبيرغ إيكونوميكس أن المكسيك إذا نجحت في استثناء منتجاتها المتوافقة مع شروط اتفاقية USMCA من الرسوم، قد تجني مكاسب اقتصادية وتضمن استقرار قطاعات رئيسية مثل صناعة السيارات. وتمثل اتفاقية USMCA (اتفاقية التجارة الحرة بين أمريكا والمكسيك وكندا) عاملاً حاسماً في ديناميكية الشأن التجاري بين البلدين، حيث يبحث البيت الأبيض هذه الاستثناءات لكنه لم يصدر قراراً نهائياً بشأنها بعد.
وأكد هيرنانديز أن صادرات المكسيك نحو الولايات المتحدة تمثل شرياناً حيوياً للاقتصاد المكسيكي، واستمرار سريان الإعفاءات الجمركية أمر أساسي لمنع ارتفاع تكاليف المنتجات للمستهلكين في كلا البلدين.
مجموعة عمل ثنائية جديدة وحوار مفتوح
في خطوة عملية، تم تشكيل لجنة عمل مشتركة بين المكسيك والولايات المتحدة تهدف إلى إيجاد حلول لمشكلات الهجرة والأمن والتجارة، مع إعطاء أولوية قصوى لملف الرسوم الجمركية. وقد صرّح وزير الاقتصاد المكسيكي، مارسيلو إبرارد، أن بلاده ترفض «المعاملة غير العادلة»، لكنها مصممة على مواصلة الحوار للوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين.
أما ترامب، فقد أكد أن الرسوم الجمركية العامة التي يقترحها منفصلة عن أي رسوم قطاعية أخرى، وأنه سيرفعها إذا اتخذت المكسيك إجراءات مضادة. ربط ترامب كل تعديل على الرسوم بتقدم المكسيك في محاربة المخدرات خصوصاً الفنتانيل.
تطورات مرتبطة بملف الجريمة المنظمة
تزامنت التهديدات الاقتصادية مع إعلان أحد أبناء زعيم المخدرات الشهير «إل تشابو» غوسمان اعترافه بجرائم التهريب ونيته التعاون مع القضاء الأمريكي. كما مدد مكتب الخزانة الأمريكي المهل الممنوحة لشركات مالية مكسيكية لتسوية أوضاعها بسبب تورّطها في عمليات غسل أموال متعلقة بتجارة الفنتانيل، وأشاد بتعاون السلطات المكسيكية في هذا الجانب الحساس.
رؤية اقتصادية: السيناريوهات المتوقعة
يتفق الخبراء أن إعفاء المنتجات المكسيكية المشمولة بـUSMCA من الرسوم سيحمي سلاسل الإمداد ويمنع تقلب الأسعار شمال القارة الأمريكية. في المقابل، استمرار تهديد الرسوم وغياب الاستقرار في السياسات التجارية قد يضعف ثقة المستثمرين على المدى الطويل. لذا، ترى الأوساط الاقتصادية ضرورةَ تقدم جاد في ملفات الأمن ومكافحة المخدرات، مع استمرار الحوار البناء لتجنب حرب تجارية ستنعكس آثارها السلبية على الجانبين بدرجة كبيرة.