في أغسطس، خفّض بنك إنجلترا سعر الفائدة الأساسي إلى 4%، وهو أدنى مستوى لتكلفة الاقتراض منذ أكثر من عامين. كان هذا هو التخفيض الخامس خلال عام واحد، لكنه مرّ فقط بعد تصويت ثانٍ غير مسبوق بين صناع السياسة – ما يبرز دقة الموازنة في القرار.
وبما أن أسعار الفائدة تؤثر مباشرة على تكاليف الرهن العقاري، ورسوم بطاقات الائتمان، وأقساط القروض، وحتى عوائد الادخار، فإن النقاش حول الاتجاه القادم لها يعد من أهم القضايا للأسر والشركات على حد سواء.
ما هي أسعار الفائدة بالضبط – ولماذا تتغير؟
تمثل أسعار الفائدة تكلفة الاقتراض أو المكافأة على الادخار. بنك إنجلترا يحدد السعر الأساسي، وهو ما يحدد كم يتقاضى من البنوك التجارية والجمعيات للبناء عندما تقترض منه.
هذا السعر الأساسي ينعكس عبر النظام المالي، فيؤثر على صفقات الرهن العقاري، وتكاليف القروض، وأسعار الفائدة على الادخار.
المهمة الأساسية للبنك هي السيطرة على التضخم – مع استهداف نمو سنوي للأسعار بنسبة 2%. ترتفع الفائدة عندما يكون التضخم مرتفعًا جدًا بهدف تهدئة الطلب. وفي المقابل، عندما يتباطأ الاقتصاد أو يضعف سوق العمل، قد يخفض البنك الفائدة لتحفيز الإنفاق والاستثمار.
اتجاهات أسعار الفائدة في بريطانيا مؤخرًا
بلغت الفائدة أدنى مستوى عند 0.1% في أوائل 2021، قبل أن ترتفع تدريجيًا لتصل إلى 5.25% في أغسطس 2023 مع قفزة التضخم.
منذ ذلك الحين، جرت خمسة تخفيضات أعادت السعر الأساسي إلى 4%:
-
أغسطس 2024: 5.0%
-
نوفمبر 2024: 4.75%
-
فبراير 2025: 4.5%
-
مايو 2025: 4.25%
-
أغسطس 2025: 4.0%
وأكد محافظ البنك، أندرو بيلي، أن الفائدة تتجه للانخفاض، لكن أي تخفيضات أخرى ستكون “تدريجية وحذرة”.
التضخم: العامل الحاسم
لا يزال التضخم أعلى من الهدف. ففي الاثني عشر شهرًا حتى يوليو 2025، بلغ معدل التضخم (CPI) 3.8%، ارتفاعًا من 3.6% في يونيو، نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء وتذاكر الطيران الصيفية.
صحيح أن هذا أقل بكثير من الذروة البالغة 11.1% في أكتوبر 2022، لكنه ما يزال يقارب ضعف هدف البنك. ويتوقع البنك الآن أن يبلغ التضخم ذروته عند 4% في سبتمبر، وهو أعلى قليلًا من توقعاته السابقة.
التوتر واضح: التضخم مرتفع جدًا لتجاهله، لكن النمو الاقتصادي وسوق العمل ضعيفان بما يكفي لتبرير خفض تكاليف الاقتراض.
هل ستنخفض الفائدة أكثر؟
كان تخفيض أغسطس (بفارق تصويت 5 مقابل 4) من أضيق القرارات في التاريخ الحديث. حتى أن عضوًا واحدًا دعا لتخفيض أكبر بمقدار نصف نقطة مئوية.
كانت الأسواق تتوقع خفضًا آخر في نوفمبر، لكن مع التصويت المتقارب – والقلق من تجدد الضغوط السعرية بسبب نمو الأجور وارتفاع الغذاء – أصبح المستقبل أقل وضوحًا.
أشار المحافظ بيلي إلى أن تخفيضات أكبر تظل مطروحة إذا تدهور سوق العمل أكثر. وأظهرت الأرقام الأخيرة انخفاض أعداد الموظفين على الكشوف، وتقلص الوظائف الشاغرة، وارتفاع البطالة قليلًا – كلها إشارات قد تدعم المزيد من التيسير.
ماذا يعني ذلك للرهن العقاري، القروض، والادخار؟
الرهن العقاري: نحو ثلث الأسر لديها رهن عقاري. حوالي 600 ألف يتبعون سعر البنك مباشرة، بينما الأغلبية في عقود ثابتة. حاليًا، يبلغ متوسط الفائدة على العقود الثابتة لسنتين 4.98%، ولخمس سنوات نحو 5%. أما الرهونات المرتبطة بسعر البنك فتبلغ 4.67% في المتوسط. وبالنسبة لـ 800 ألف مالك منزل ستنتهي عقودهم منخفضة الفائدة حتى 2027، فالأقساط الشهرية مرشحة للارتفاع بقوة.
القروض وبطاقات الائتمان: تخفيض الفائدة قد يخفض تكلفة القروض الشخصية والبطاقات، لكن البنوك عادة بطيئة في تمرير هذه التوفيرات.
الادخار: عادةً ما تؤدي الفوائد المنخفضة إلى عوائد أضعف للمدخرين. الحسابات ذات الوصول السهل تدفع الآن متوسط 2.64%، لكن أي خفض إضافي قد يقلص ذلك أكثر – مما يؤثر على الأسر التي تعتمد على دخل الفوائد.
منظور عالمي
بريطانيا احتفظت مؤخرًا ببعض من أعلى أسعار الفائدة بين اقتصادات مجموعة السبع. لكن نظراءها أيضًا يتجهون نحو التيسير:
-
منطقة اليورو: البنك المركزي الأوروبي بدأ التخفيض منتصف 2024. وبحلول يونيو 2025، بلغ سعره الرئيسي 2%.
-
الولايات المتحدة: الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة ثلاث مرات في أواخر 2024، لكنه توقف بعدها عند نطاق 4.25% – 4.5%.
ولا تزال الشكوك العالمية – من الرسوم الجمركية الأمريكية إلى الصراعات في الشرق الأوسط – أوراقًا غير محسومة في مسار بنك إنجلترا المقبل.
التوقعات
يجد بنك إنجلترا نفسه عند مفترق طرق: التضخم لا يزال مرتفعًا، لكن الاقتصاد يظهر علامات تباطؤ. من المرجح أن تستمر أسعار الفائدة في الانخفاض خلال العام المقبل، لكن الوتيرة ستعتمد على تطورات التضخم، والأجور، والمخاطر العالمية.
في الوقت الحالي، يمكن للمقترضين توقع بعض التخفيف التدريجي – بينما قد يشهد المدخرون تراجعًا أكبر في عوائدهم.