وسط أجواء اقتصادية وجيوسياسية مشحونة على الساحة الدولية، يجد البنك المركزي الأوروبي نفسه أمام مفترق طرق مفصلي. في ظل تهديدات ترامب الأخيرة بفرض رسوم جمركية مشددة على المنتجات الأوروبية، يستعد مجلس إدارة المركزي الأوروبي للإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير عند مستوى 2% في اجتماعه الأخير قبل العطلة الصيفية.
وقفة صيفية حذرة: هل هو وقت الترقب؟
وفقاً لتوقعات الأسواق، يتجه المركزي الأوروبي لاعتماد سياسة “الانتظار والترقب” في آخر اجتماع له قبل الإجازة الصيفية الممتدة. فرغم تصاعد الجدال حول تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 30% على الواردات الأوروبية، يفضل صناع القرار في البنك المركزي الأوروبي التحرك بناءً على معطيات فعلية ودراسات دقيقة بدل اتخاذ قرارات متسرعة.
أبرزت رئيسة البنك، كريستين لاغارد، هذا النهج عدة مرات، مؤكدة أن “كل قرار سيتم تقييمه حسب المستجدات والبيانات الميدانية”. في ظل ظهور إشارات استقرار التضخم واقتراب العديد من أعضاء المجلس من بدء عطلاتهم، يبدو أن القرارات الكبيرة سيتم تأجيلها إلى شهر سبتمبر القادم حيث ستُنشر التوقعات الاقتصادية الجديدة للبنك.
مع ذلك، الترقب قد لا يطول. فارتفاع قيمة اليورو يضغط على المصدّرين الأوروبيين، والأزمة السياسية الناتجة عن العجز المالي الفرنسي زادت من الضبابية على المشهد الاقتصادي الأوروبي.
تصاعد المخاطر الاقتصادية في أوروبا
الأيام القادمة تحمل مؤشرات مهمة: تحقيقات المركزي الأوروبي الائتمانية، تقارير مؤشرات مديري المشتريات (PMI) لشهر يوليو، ومستويات ثقة الأعمال والمستهلك. ستصبح المؤشرات الألمانية والإيطالية بوجه خاص محور متابعة لمحاولة استشراف اتجاه أكبر الاقتصادات الأوروبية وأكثرها هشاشة.
يتوقع أن يتبنى البيان الرسمي للمركزي الأوروبي نبرةً حذرة، مشيراً إلى “المخاطر النزولية” على معدل النمو مع إبقاء الباب مفتوحًا أمام خفض جديد للفائدة في الخريف إذا استمرت الظروف المعاكسة. الحرب التجارية المحتملة وارتفاع اليورو جعلا الضغوط على قطاعات التصنيع والتصدير أصعب من أي وقت مضى، ما يعزز فرص اتخاذ سياسات تيسيرية خلال الأشهر المقبلة.
عاصفة تجارية تضرب الأسواق العالمية
تداعيات الحرب التجارية تتجاوز القارة الأوروبية. ففي الولايات المتحدة تظهر بيانات القطاع العقاري والسلع المعمرة بوادر تباطؤ. أما في كندا، فقد أدى الترقب بشأن الضرائب الجديدة إلى هبوط في الإنفاق الاستهلاكي. على الجانب الآسيوي، ستشير البيانات الصادرة عن كوريا الجنوبية واليابان إلى مدى تأثر المنطقة بهذه الاضطرابات التجارية. وفي الأسواق الناشئة، يتواصل الضغط التضخمي وتذبذب أسعار صرف العملات.
تحليل iXDeep – التأثير على أسواق الفوركس والعملات الرقمية
تحليل iXDeep – نظرة متعمقة
النهج الحذر للبنك المركزي الأوروبي، بالتوازي مع تصعيد تهديدات ترامب التجارية، ولّد حالة جديدة من التقلبات في الأسواق العالمية. ومع ترقب تطبيق أي رسوم جمركية فعلية، من المتوقع أن نشهد السيناريوهات التالية:
- الفوركس (سوق العملات الأجنبية):من المتوقع أن يشهد اليورو تعزيزًا مؤقتًا أمام الدولار، لكن إذا أصبحت التهديدات الجمركية واقعية سينقلب الحال بشكل سريع. الأزواج الرئيسية مثل EUR/USD وEUR/GBP قد تسجل تقلبات قوية.
- السلع الأساسية:استمرار التصعيد التجاري سيضغط على أسعار المعادن الصناعية والطاقة، في حين من المرجح أن يزداد الطلب على الملاذات الآمنة مثل الذهب والفرنك السويسري والين الياباني.
- العملات الرقمية:حالة عدم اليقين ومخاطر سوق العملات قد تدفع إلى زيادة الاهتمام بعملة بيتكوين وغيرها من الأصول الرقمية الكبيرة، لكن ارتفاع التقلبات وضعف الأطر التنظيمية قد تعيق تحولها إلى ملاذ آمن كامل.
في حال الإعلان عن خفض محتمل للفائدة من الأوروبي في سبتمبر، من المتوقع أن نشهد هبوطاً في سعر اليورو، ارتفاع في مؤشرات الأسهم الأوروبية، وحركة نشطة في سوق السندات. في مثل هذا المشهد ستبرز أهمية الإدارة الحصيفة للمخاطر والاستجابة السريعة لمتغيرات السوق.
