تم تخفيض توقعات أسعار النفط لعام 2025 بسبب زيادة إنتاج أوبك+ وعدم اليقين المستمر بشأن النزاعات التجارية وتأثيرها على الطلب العالمي. يبقى سوق النفط متقلباً وسط قرارات الإنتاج والتوترات الجيوسياسية العالمية.
أدت زيادة المعروض النفطي من دول أوبك+ والمخاوف المستمرة بشأن تأثير النزاعات التجارية على الطلب على الوقود إلى قيام المحللين بخفض توقعاتهم لأسعار النفط للشهر الثالث على التوالي. وفي الوقت نفسه، تثير سياسات الإنتاج لأوبك+ والظروف الاقتصادية العالمية الكثير من الغموض في سوق النفط.
انخفاض توقعات أسعار النفط لعام 2025
واجه سوق النفط هذا العام العديد من التحديات، مما دفع المحللين إلى مراجعة توقعاتهم لأسعار النفط بشكل متكرر نحو الانخفاض. بشكل خاص، أدت زيادة الإنتاج من قبل دول أوبك+ والمخاوف المتعلقة بتأثير النزاعات التجارية بين الاقتصادات الكبرى على الطلب العالمي للوقود إلى الضغط على الأسعار نحو الانخفاض.
وفقاً لاستطلاع أجرته وكالة رويترز شمل 40 خبيراً اقتصادياً ومحللاً لسوق النفط، يتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت لعام 2025 حوالي 66.98 دولار للبرميل، وهو انخفاض ملحوظ مقارنة بتوقعات أبريل التي بلغت 68.98 دولار. كما يُتوقع أن يبلغ سعر النفط الأمريكي 63.35 دولار للبرميل، مقابل 65.08 دولار في الشهر السابق. وتجدر الإشارة إلى أن متوسط أسعار برنت والنفط الأمريكي حتى الآن هذا العام كان حوالي 71.08 و67.56 دولار على التوالي.
تأثير النزاعات التجارية وسياسات أوبك+ على سوق النفط
رغم تراجع حدة النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة وبعض شركائها التجاريين الرئيسيين، إلا أن القلق بشأن التأثير طويل الأمد لهذه النزاعات على الطلب على النفط ما زال قائماً. يشير توبياس كيلر، المحلل في بنك UniCredit، إلى أن “النزاعات التجارية ستظل عاملاً رئيسياً في تقليل الطلب، بينما سيكون لقرارات إنتاج أوبك+ تأثير كبير على الأسعار من ناحية العرض.”
من جهة أخرى، تتبع أوبك+، التي تضم أكبر منتجي النفط في العالم، سياسة زيادة تدريجية في الإنتاج خلال عام 2025. فمنذ بداية العام، بدأت المجموعة في التراجع عن تخفيضات الإنتاج السابقة، ووافقت على زيادة قدرها 411 ألف برميل يومياً لشهري مايو ويونيو. وأفادت مصادر لوكالة رويترز أن زيادة مماثلة قد تُقر في الاجتماع المقرر عقده في يوليو.
صعوبات في تطبيق قرارات أوبك+
ومع ذلك، لا يزال ضمان الامتثال الكامل لاتفاقيات الإنتاج يمثل تحدياً كبيراً. يوضح سوبرو ساركار، المحلل الرئيسي للطاقة في بنك DBS، أن “هذه الزيادات تبدو موجهة أكثر لمعاقبة الأعضاء غير الملتزمين بدلاً من دعم الأسعار عند مستوى معين.” كما يشير إلى صعوبة تطبيق هذه القرارات في دول مثل كازاخستان، التي لها تاريخ في عدم الامتثال.
توقعات الطلب العالمي على النفط
من ناحية الطلب، يتوقع العديد من المحللين نمواً متوسطاً في الطلب العالمي على النفط بمقدار 775 ألف برميل يومياً في عام 2025، وهو أعلى قليلاً من توقعات وكالة الطاقة الدولية البالغة 740 ألف برميل يومياً.
مع ذلك، تستمر المخاطر الاقتصادية في تقييد نمو الطلب. يوضح نوربرت روكر، رئيس قسم الاقتصاد والبحوث المستقبلية في جوليوس باير، أن التقدم التكنولوجي في كفاءة استهلاك الوقود في الولايات المتحدة، والانتشار الكبير للسيارات الكهربائية في الصين، وحالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، كلها عوامل تحد من نمو الطلب. ويشير إلى أن “معظم نمو الطلب يأتي من الدول المنتجة للموارد بدلاً من الأسواق الاستهلاكية الكبرى.”
المخاطر الجيوسياسية وتأثير الحرب بين روسيا وأوكرانيا
تظل الحرب بين روسيا وأوكرانيا عاملاً رئيسياً في المخاطر الجيوسياسية التي تواجه سوق النفط. وبينما تم تسعير معظم هذه المخاطر في السوق، فإن أي تصعيد أو تغيير مفاجئ في النزاع أو العقوبات قد يؤثر على العرض والأسعار. يشير ساركار إلى أن “أي جهود لخفض التصعيد أو احتمال رفع العقوبات عن النفط الروسي قد تؤدي إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار.”
الخلاصة: مستقبل غير واضح لسوق النفط
بالنظر إلى التعقيد الكبير للعوامل الاقتصادية والسياسية والإنتاجية، يظل سوق النفط في وضع حساس للغاية. ستلعب قرارات أوبك+ المستقبلية بشأن مستويات الإنتاج، والتطورات الجيوسياسية، والظروف الاقتصادية العالمية دوراً حاسماً في تحديد اتجاه أسعار النفط. يحذر المحللون المشاركين في السوق من الاستعداد لتقلبات كبيرة واستمرار حالة عدم اليقين.
