تراجعت أسعار الذهب مع ترقب المستثمرين للبيانات الاقتصادية الأمريكية، وسط مخاوف من تأثير الحرب التجارية والتعريفات الجمركية على الاقتصاد والأسواق العالمية.
شهد سوق الذهب تراجعًا ملحوظًا هذا الأسبوع، حيث يركز المستثمرون اهتمامهم على البيانات الاقتصادية الأمريكية المرتقبة لتقييم تأثير الحرب التجارية التي يقودها الرئيس دونالد ترامب على اقتصاد البلاد. مع انخفاض سعر الذهب إلى ما دون 3300 دولار للأونصة، تستمر التوترات التجارية وسياسات التعريفات الجمركية في تعزيز جاذبية الذهب كملاذ آمن.
تراجع أسعار الذهب مع انتظار بيانات اقتصادية أمريكية رئيسية
سجلت أسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي اتجاهًا هبوطيًا، حيث انخفض السعر إلى ما دون مستوى 3300 دولار للأونصة في الأسواق العالمية. وتمثل هذه الخسارة انخفاضًا بنحو 2% في قيمة المعدن النفيس خلال هذه الفترة. ويشير المحللون إلى أن المستثمرين يراقبون عن كثب مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الرئيسية في الولايات المتحدة لفهم التأثيرات المحتملة للحرب التجارية والتعريفات التي فرضتها إدارة ترامب على الاقتصاد الوطني.
من بين أهم المؤشرات التي سيتم الإعلان عنها يوم الجمعة المقبل هو مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي (PCE)، وهو المقياس المفضل لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم. بالإضافة إلى ذلك، ستصدر بيانات الإنفاق الاستهلاكي ونمو الأجور لشهر أبريل، والتي قد تؤثر بشكل كبير على قرارات السياسة النقدية المستقبلية للبنك المركزي الأمريكي.
العوامل الفنية وراء انخفاض أسعار الذهب
لا يعود انخفاض أسعار الذهب فقط إلى انتظار البيانات الاقتصادية، بل يتأثر أيضًا بعوامل فنية في السوق. وأشار كيلفن وونغ، كبير المحللين في شركة أوندا آسيا باسيفيك، إلى أن سعر الذهب فشل مرتين في اختراق مستوى المقاومة الرئيسي عند حوالي 3328 دولارًا للأونصة، مرة خلال جلسة التداول الأمريكية يوم الخميس، ومرة أخرى في بداية الجلسة الآسيوية يوم الجمعة.
ويشير هذا إلى أن ضغط البيع كان قويًا بما يكفي لمنع السعر من تجاوز هذا المستوى الحرج، مما يعكس حالة من الحذر لدى المستثمرين الذين ينتظرون إشارات اقتصادية جديدة.
التوترات التجارية وتأثيرها على سوق الذهب
بعيدًا عن العوامل الفنية، أثرت التطورات الجيوسياسية والتجارية على أسعار الذهب أيضًا. شهد الأسبوع الماضي تجدد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، حيث وصف وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت المحادثات التجارية مع بكين بأنها “متوقفة إلى حد ما”. وفي الوقت نفسه، أعلنت الإدارة الأمريكية عن بدء إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين وفرض قيود جديدة على بيع برامج تصميم الرقائق للشركات الصينية.
وقد أثارت هذه الإجراءات رد فعل غاضبًا من بكين وزادت من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية. في ظل هذه الأجواء، يبرز دور الذهب كملاذ آمن يحمي المستثمرين من المخاطر السياسية والاقتصادية.
الدعم القانوني والنفسي يعزز سوق الذهب
أصدرت محكمة استئناف فيدرالية أمريكية قرارًا يوم الخميس بمنح إدارة ترامب مهلة مؤقتة من حكم كان يهدد بإلغاء جزء كبير من التعريفات الجمركية المخطط لها. وقد وفرت هذه المهلة بعض التخفيف من التوترات، مما أسهم في دعم نفسي لسوق الذهب.
ومع ذلك، فإن هذا التخفيف مؤقت فقط، ولا يزال المستثمرون قلقين بشأن مستقبل التعريفات واستمرار الحرب التجارية، مما يعزز من جاذبية الذهب كملاذ آمن في ظل حالة عدم اليقين.
أداء المعادن الثمينة الأخرى وأسواق العملات
تشير البيانات الأخيرة إلى أن سعر الذهب الفوري انخفض بنسبة 0.7% ليصل إلى 3294.47 دولارًا للأونصة. كما شهد مؤشر بلومبرغ للدولار تقلبات في الجلسات السابقة قبل أن يرتفع قليلاً، مما فرض ضغطًا إضافيًا على الذهب. وسجلت المعادن الثمينة الأخرى مثل الفضة والبلاديوم والبلاتين أيضًا انخفاضات في ظل ظروف السوق الحالية.
وتواصل المؤسسات المالية الكبرى مثل جولدمان ساكس توصياتها بالاحتفاظ بالذهب كوسيلة تحوط ضد التضخم وأداة للحفاظ على القيمة ضمن المحافظ الاستثمارية طويلة الأجل، في ظل تصاعد المخاطر السياسية والتضخمية.
الخلاصة
يخضع سوق الذهب في الوقت الراهن لتأثيرات متعددة تشمل صدور بيانات اقتصادية أمريكية هامة، والديناميكيات الفنية للسوق، والتطورات الجيوسياسية. مع اقتراب صدور المؤشرات الاقتصادية المهمة واستمرار الصراعات التجارية، من المتوقع ارتفاع تقلبات أسعار الذهب. ويجب على المتداولين والمستثمرين متابعة هذه التطورات عن كثب لاتخاذ قرارات مستنيرة في بيئة السوق المعقدة.
