بكين — من المقرر أن تطبق بورصة ناسداك في الولايات المتحدة متطلبات إدراج جديدة ستجعل من الأصعب على الشركات الصينية الصغيرة الإدراج في نيويورك، بعد ارتفاع عدد الطروحات الأولية الصغيرة (IPOs).
كجزء من التغييرات المقترحة، أعلنت ناسداك مساء الأربعاء بالتوقيت المحلي أن الشركات التي تعمل بشكل رئيسي في الصين ستحتاج الآن إلى جمع ما لا يقل عن 25 مليون دولار في الطرح الأولي للاكتتاب لتتمكن من الإدراج في البورصة.
تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى قضايا أوسع في سوق ناسداك المالية.
علق وينستون ما، أستاذ مساعد في كلية الحقوق بجامعة نيويورك: “سيصبح من الأصعب على الشركات الصينية الصغيرة الإدراج في ناسداك بموجب القاعدة الجديدة. القاعدة هي استجابة لبعض حالات الطرح الأولي التي تضمنت مخططات ‘pump and dump’ بسبب صغر حجم الأسهم المتاحة.”
في حين لم تشهد الولايات المتحدة العديد من الطروحات الصينية الكبرى منذ الجدل حول إدراج شركة النقل التشاركي Didi في نيويورك عام 2021، فقد تم إدراج 35 شركة صينية صغيرة في نيويورك في عام 2024، أي ما يقارب ضعف 17 إدراجًا لشركات صغيرة مقرها الولايات المتحدة، وفقًا لتقرير Renaissance Capital.
عادة ما تكون الشركات الصغيرة (Microcaps) أسهمًا بقيمة سوقية تتراوح بين 50 و300 مليون دولار، ما يعني أن هذه الشركات جمعت بضعة ملايين فقط في طروحاتها الأولية.
وصف جاري دفورتشاك، المدير الإداري في مجموعة Blueshirt التي تقدم الاستشارات للشركات الصينية حول الطروحات الأولية، تغيير القاعدة بأنه “إيجابي”. وأضاف: “أعتقد أنه سيعزز الثقة بأن الشركات المدرجة في ناسداك تقوم بذلك لأسباب مشروعة، مما يقلل احتمالية التلاعب بالأسهم ويحمي هذه الشركات في النهاية.”
لاحظت ناسداك أن الإدراجات الصينية تمثل مخاطر أكبر للمستثمرين الأمريكيين بسبب عدم قدرة السلطات الأمريكية على اتخاذ إجراءات قانونية ضد الكيانات أو الأفراد المشاركين في أنشطة تداول محتملة تلاعبية. كما لاحظت البورصة أن الشركات الصينية ذات أحجام الطرح الأولي أقل من 25 مليون دولار تواجه غالبًا معدلًا أعلى من المخاوف المتعلقة بالامتثال.
يجب على لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) الموافقة رسميًا على اقتراح ناسداك. وأوضحت ناسداك أن الشركات التي بدأت بالفعل في عملية الطرح الأولي سيكون لديها 30 يومًا لاستكمال ملفاتها بموجب القواعد السابقة، بينما يجب على جميع الإدراجات المستقبلية الالتزام بالمتطلبات الجديدة.
لم تعلق بورصة نيويورك، التي عادةً ما تتعامل مع الطروحات الكبرى، على الفور خارج ساعات العمل الأمريكية. ولم ترد كل من SEC أو لجنة الأوراق المالية الصينية على الفور.
تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين
تأتي القاعدة الجديدة لناسداك في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الولايات المتحدة والصين. وأشار ستيفن أولسون، زميل زائر كبير في معهد ISEAS-Yusof Ishak، إلى أن تغيير القاعدة هو مجرد مثال على التعقيد المتزايد في العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين.
وجاء الإعلان بعد قرار بكين فرض تعريفات عقابية جديدة على بعض منتجي الألياف البصرية الأمريكيين، اعتبارًا من يوم الخميس. قال أولسون: “الصين تقول: نحن مستعدون لمواجهة النار بالنار. الهدنة التجارية مجرد ضمادة مؤقتة وقد تنهار في أي وقت.”
وتأتي هذه التعريفات ردًا على تحقيق استمر ستة أشهر كشف أن بعض المصدرين الأمريكيين تحايلوا على الرسوم المضادة للإغراق في الصين من خلال بيع ألياف بصرية معدلة. ونتيجة لذلك، تواجه شركات أمريكية مثل Corning تعريفات تصل إلى 37.9% على صادراتها إلى الصين.
تعكس هذه الخطوة القوة الاقتصادية المتزايدة للصين في النزاعات التجارية، حيث أن أهم وارداتها من الولايات المتحدة، بما في ذلك الألياف البصرية وتقنية أشباه الموصلات، تحمل قيمة كبيرة.
زيادة التدقيق على الطروحات الأولية الصينية
في السنوات الأخيرة، زادت الجهات التنظيمية الأمريكية من تدقيقها على الطروحات الأولية الصغيرة للشركات الصينية. شهد الوسطاء للطروحات ذات القيمة السوقية أقل من 600 مليون دولار زيادة ثلاثة أضعاف في عمولاتهم لتصل إلى 12% في عام 2020، وفقًا لبورصة هونغ كونغ والهيئات المحلية للأوراق المالية.
في نوفمبر 2022، أصدرت الهيئة الأمريكية لتنظيم الصناعة المالية (FINRA) تحذيرًا بشأن “زيادات سعرية غير عادية كبيرة” بعد الطروحات الأولية لبعض الشركات الصغيرة، خصوصًا تلك العاملة في الصين. وأعربت FINRA عن مخاوفها بشأن التلاعب المحتمل بالسوق، بما في ذلك استخدام مواطنين أجانب لفتح حسابات لدى وسطاء أمريكيين ورفع الأسعار من خلال صفقات تلاعبية.
أعربت كل من SEC وFINRA عن قلقها بشأن مخططات “ramp and dump”، والتي تطورت بمرور الوقت، حيث يحدث التلاعب أحيانًا بعد أسابيع أو أشهر من الطرح الأولي بدلاً من أن يكون خلال أيام قليلة فقط.
تمثل متطلبات الإدراج الجديدة لناسداك تحولًا كبيرًا في نهج السوق الأمريكية تجاه الشركات الصينية الراغبة في الإدراج، مما يعكس المخاوف المتعلقة بالسوق المالية والتوترات الجيوسياسية.
