تستمر المخاوف بشأن استبدال الذكاء الاصطناعي للوظائف في الهيمنة على النقاش العام. ومع ذلك، تكشف أبحاث جديدة أن أصحاب الخبرة المناسبة يجدون في الذكاء الاصطناعي فرصًا جديدة بدلًا من خسارتها.
تقرير صدر في يوليو عن شركة Lightcast المتخصصة في تحليلات سوق العمل أظهر أن الشركات لا تكتفي بجعل مهارات الذكاء الاصطناعي أولوية في التوظيف، بل تعرض أيضًا رواتب أعلى بشكل ملحوظ للمرشحين الذين يمتلكونها.
وقالت إلينا ماغريني، رئيسة الأبحاث العالمية في Lightcast، في مقابلة مع CNBC:
“إعلانات الوظائف تركز بشكل متزايد على مهارات الذكاء الاصطناعي، وهناك مؤشرات واضحة على أن أصحاب العمل مستعدون لدفع رواتب مميزة مقابل هذه القدرات”.
التحليل الذي شمل أكثر من مليار إعلان وظيفة كشف أن الأدوار التي تتطلب مهارة واحدة على الأقل في الذكاء الاصطناعي تقدم رواتب أعلى بنسبة 28% في المتوسط مقارنة بالوظائف الأخرى، أي ما يعادل نحو 18 ألف دولار إضافي سنويًا. أما الوظائف التي تتطلب مهارتين أو أكثر فارتفعت الفجوة فيها إلى 43%.
أكبر الفروقات في الأجور سُجلت في مجالات خدمة العملاء، المبيعات، والتصنيع — وهي قطاعات لم يُنظر إليها تقليديًا على أنها معتمدة على الذكاء الاصطناعي.
جوشوا وو، مؤسس وكالة التوظيف Recruit Fast ومقرها سنغافورة، أكد الاتجاه قائلًا:
“مهارات الذكاء الاصطناعي تحقق رواتب أعلى من المتوسط في السوق الحالي. لم تعد مجرد إضافة جيدة، بل أصبحت عاملًا فارقًا”.
خبرة الذكاء الاصطناعي تصبح أكثر سهولة
حددت Lightcast أكثر من 300 مهارة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي في سوق العمل، تتراوح بين مجالات تقنية متقدمة مثل التعلم الآلي وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وصولًا إلى أدوات أكثر شيوعًا مثل ChatGPT و Microsoft Copilot.
وبينما تتطلب بعض المناصب المتقدمة — مثل decision scientist أو data architect — معرفة تقنية عميقة، أصبح العديد من الموظفين الجدد والعاملين في العمليات يتلقون تدريبًا على استخدام العمليات المدعومة بالذكاء الاصطناعي بكفاءة.
وقالت بريدجيت وونغ، رئيسة قسم الموارد البشرية في Accenture Singapore:
“إجادة الذكاء الاصطناعي مهمة في كل مرحلة من مراحل المسار المهني. على المؤسسات أن تستثمر في التدريب والتعرض لهذه التقنيات لتمكين الموظفين على جميع المستويات”.
الأدوار غير التقنية تقود نمو الطلب
من المثير للاهتمام أن دراسة Lightcast وجدت أن الطلب على مهارات الذكاء الاصطناعي نما بوتيرة أسرع خارج القطاعات التقنية التقليدية. فمنذ إطلاق ChatGPT عام 2022، ارتفع عدد الإعلانات الوظيفية التي تطلب مهارات في الذكاء الاصطناعي التوليدي في الوظائف غير التقنية بنسبة 800%.
ورغم أن تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب ما زالت في المقدمة، جاءت مجالات التسويق والعلاقات العامة في المرتبة الثانية، تلتها العلوم والأبحاث، بالإضافة إلى التحليل الاجتماعي والتخطيط.
وقالت ماغريني:
“ليس مطورو البرمجيات أو علماء البيانات وحدهم من يستفيدون من مهارات الذكاء الاصطناعي. بل يُتوقع بشكل متزايد أن يمتلك المهنيون في التسويق، المالية، والموارد البشرية مستوى من الثقافة في هذا المجال”.
الاستعداد بدل الخوف
يشدد الخبراء على أن الذكاء الاصطناعي ينتشر في جميع الوظائف، لكن سرعة اعتماده تختلف من صناعة لأخرى.
وختمت ماغريني بالقول:
“الذكاء الاصطناعي قادم، لكننا لا نحتاج إلى الخوف. نحتاج إلى الاستعداد”.
