عاد التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ليشعل أسواق المال العالمية من جديد. فباول، الذي عُين في منصبه عام 2017 بقرار من ترامب نفسه، لطالما كان محل انتقاد من قبل الرئيس؛ بسبب تحفظه في خفض أسعار الفائدة ورفضه الذهاب نحو تسهيلات نقدية واسعة كما يرغب ترامب.
ورغم أن ترامب صرح في يوليو 2025 أنه «لا ينوي فعليًا إقالة باول إلا في حال وجود سبب جلل»، إلا أن مجرد حديثه عن هذه الإمكانية أشعل المخاوف في أوساط المستثمرين، وظهرت آثارها فوراً على وول ستريت ومنصات تداول العملات المشفرة.
رد فعل الأسواق الفوري: تقلبات وعدم يقين
لم تتأخر الأسواق طويلاً في الاستجابة؛ إذ سجلت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين هبوطاً مفاجئاً، وسط لجوء المستثمرين للأصول الآمنة. أما سوق العملات الرقمية، الأكثر تأثراً بإشارات السياسة النقدية الأمريكية، فقد شهد ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات التقلب.
فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024 كان قد عزز الآمال بتوجهات تنظيمية أكثر انفتاحاً للقطاع الرقمي، إلا أن استمرار الإشاعات حول إقالة باول أعاد للأذهان شبح المخاطر النظامية، ودفع الكثير من المتعاملين إما للتحوّط وزيادة انكشافهم على العملات الرقمية، أو لتقليل المخاطرة بانتظار مزيد من الوضوح.
رئيس جديد للفيدرالي: ماذا سيحدث للأسواق؟
اتسمت قيادة باول للسياسة النقدية الأمريكية بالاعتدال والبراغماتية، حتى في ملف العملات الرقمية، إذ دعم التنظيم الذكي دون مبالغة. أما ترامب، فيطالب بخفض كبير وعاجل في أسعار الفائدة، يصل إلى ثلاث نقاط أقل من المستوى الحالي (4.25%-4.5%)، بهدف إنعاش الاقتصاد الأمريكي بأي ثمن.
أي تغيير جذري في قيادة الاحتياطي الفيدرالي ستكون له آثار عميقة على جميع الأصول عالية المخاطر، خصوصاً أسواق العملات الرقمية. فالتاريخ يشير إلى أن ضخ السيولة يضاعف من جاذبية البيتكوين والإيثيريوم والعملات البديلة، لكنه في نفس الوقت يرفع وتيرة التذبذبات ويعرض الأسواق لمخاطر تصحيح عنيف إذا فقد المستثمرون ثقتهم.
من الزاوية التنظيمية، قد يفتح رئيس الفيدرالي الجديد، إذا كان أقرب في رؤاه إلى ترامب، الباب أمام بيئة تنظيمية أقل تشدداً. ويبدو أن تخفيف قيود البنوك الأمريكية على التعامل مع العملات الرقمية قد يكون مجرد بداية لموجة انفتاح تسمح بدخول كثيف للمؤسسات الكبرى إلى سوق الكريبتو.
iXDeep: تحليل تأثير سيناريو إقالة باول على الفوركس والكريبتو
خبراء iXbroker يتعمقون في السيناريوهات المطروحة:
في سوق الفوركس: أي غموض بخصوص قيادة الفيدرالي يرفع تقلبات الدولار (USD) وأزواج العملات الرئيسية مثل EUR/USD وUSD/JPY، خصوصاً إذا تصاعدت رهانات المستثمرين على خفض حاد للفائدة. ضعف الدولار غالباً ما يعزز عملات الأسواق الناشئة والأصول عالية المخاطر.
أما في سوق العملات الرقمية: تزايد عدم اليقين في السياسات النقدية، مقروناً بتوقع تدفق سيولة رخيصة، يخلق بيئة خصبة لموجات جديدة من الصعود في البيتكوين والعملات الكبرى الأخرى. مع ذلك، تظل استدامة هذا الصعود مرهونة بالتنظيم ومستوى إقبال المؤسسات والتطور الفعلي لمنظومة الطلب العالمي.
لعملاء iXbroker، تعد هذه اللحظات الفارقة مزيجاً من الفرص والمخاطر. فخلال الأيام الأولى لأي تغيير جذري في الفيدرالي تميل الأسواق للتقلب الشديد—لذا تصبح إدارة المخاطر والتنويع في المحفظة القرارات الأكثر حكمة.