ترامب يزيد الرسوم الجمركية على واردات البرازيل إلى 50٪، مما أدى إلى هبوط حاد في الريال البرازيلي ومؤشرات البورصة وسط تصاعد التوترات السياسية والتجارية بين الولايات المتحدة والبرازيل.
أحدث إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المفاجئ برفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من البرازيل إلى 50٪ ضربة قوية للاقتصاد البرازيلي. أدت هذه الخطوة إلى انخفاض سريع في قيمة الريال البرازيلي وسقوط كبير في مؤشرات البورصة، مما زاد من حدة التوترات السياسية بين البلدين.
زيادة غير مسبوقة في الرسوم الجمركية وسط نزاع تجاري
أعلن ترامب في رسالة نشرها على حساباته الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي رفع الرسوم الجمركية المفروضة على السلع البرازيلية المستوردة إلى الولايات المتحدة من الحد الأدنى البالغ 10٪ الذي أعلن عنه في أبريل إلى 50٪. ويُنظر إلى هذه الخطوة المفاجئة كرد فعل سياسي مباشر على القضايا القانونية والسياسية المستمرة في البرازيل، وخاصة ما يتعلق بالرئيس السابق جايير بولسونارو.
ربط ترامب في رسالته رفع الرسوم بـ«الهجمات الخبيثة للبرازيل على الانتخابات الحرة وحقوق الأمريكيين الأساسية في حرية التعبير»، مبرراً هذا الإجراء بمبدأ «المعاملة بالمثل». ومن الجدير بالذكر أن البرازيل، خلافاً للدول الأخرى التي فُرضت عليها إجراءات مماثلة، لا تحقق فائضاً تجارياً مع الولايات المتحدة، مما يشير إلى أن الدافع سياسي أكثر من كونه اقتصادياً.
انخفاض حاد في الريال البرازيلي وضغوط على الأسواق المالية
بعد إعلان القرار، هبط الريال البرازيلي بحوالي 3٪ مقابل الدولار الأمريكي، مما شكل ضغطاً كبيراً على الاقتصاد الوطني. في الوقت نفسه، انخفض أكبر صندوق استثماري يتتبع الأسهم البرازيلية في الولايات المتحدة، iShares MSCI Brazil ETF، بأكثر من 2٪.
تعكس هذه التحركات في الأسواق مخاوف المستثمرين بشأن العواقب الاقتصادية والسياسية لقرار ترامب، الذي قد يعطل تدفقات التجارة ويحد من الاستثمارات الأجنبية في البرازيل.
أسباب القرار: التوترات السياسية والقضايا القانونية المتعلقة ببولسونارو
تعتبر القضايا القضائية المرفوعة ضد جايير بولسونارو، الرئيس البرازيلي السابق والمنافس السياسي الحالي لوزير الرئيس لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، من العوامل الرئيسية التي دفعت لاتخاذ هذه الخطوة. بولسونارو متهم بمحاولة انقلاب عقب انتخابات 2022، وهي قضية يُقارَن بها كثيراً أحداث اقتحام الكابيتول في السادس من يناير 2021 في الولايات المتحدة.
بولسونارو، الذي اقتبس أسلوبه السياسي إلى حد كبير من ترامب خلال فترة رئاسته، لجأ مراراً إلى ترامب طلباً للدعم في مواجهة تصاعد مشاكله القانونية. ويبدو أن رفع الرسوم يمثل وسيلة ضغط من قبل ترامب على الحكومة البرازيلية الحالية.
رد فعل صارم من الحكومة البرازيلية
رداً على القرار، دعا الرئيس لويز إيناسيو لولا دا سيلفا إلى اجتماع طارئ مع كبار أعضاء مجلس الوزراء، بمن فيهم وزير المالية ووزير الخارجية ونائب الرئيس، لمناقشة الاستراتيجيات لمواجهة الأزمة المتصاعدة.
وفي بيان له عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكد لولا أن البرازيل لن تخضع لأي «وصاية» من أي جهة خارجية، مشدداً على أن القضايا القضائية المتعلقة بمن خططوا للانقلاب تقع حصرياً ضمن نطاق القضاء الوطني دون أي تدخل أو تهديد خارجي.
التداعيات الاقتصادية والتجارية لزيادة الرسوم الجمركية
من المتوقع أن تؤدي زيادة الرسوم الجمركية على واردات البرازيل إلى الولايات المتحدة إلى تراجع الصادرات وتعطيل التجارة الثنائية. وبما أن اقتصاد البرازيل يعتمد بشكل كبير على الأسواق العالمية وخاصة السوق الأمريكية، فإن البلاد معرضة لخطر انخفاض الاستثمارات الأجنبية وتباطؤ النمو الاقتصادي.
ويحذر المحللون الاقتصاديون من أن تصاعد النزاع قد يعرقل تعافي البرازيل من تداعيات الجائحة ويفقدها فرصاً تجارية هامة.
مستقبل العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والبرازيل
نظراً للأهمية الاقتصادية والسياسية للبرازيل في أمريكا اللاتينية، من المتوقع أن تترك قرارات الولايات المتحدة الأخيرة أثراً طويل الأمد على العلاقات الثنائية. ويتوقع الخبراء أن استمرار هذه التوترات قد يضعف التعاون الاقتصادي والسياسي بين واشنطن وبرازيليا.
بينما تسعى البرازيل للحفاظ على سيادتها الاقتصادية والسياسية، تواصل الولايات المتحدة استخدام الأدوات التجارية للضغط على الحكومات الأجنبية، مما قد يمهد لظهور أنماط جديدة في العلاقات الدولية.