تراجعت أسعار النفط بعد إعلان الولايات المتحدة عن تعريفات جديدة. التوترات التجارية والمخاوف بشأن الطلب العالمي تؤثر على آفاق سوق النفط.
تراجعت أسعار النفط يوم الخميس تحت ضغط التعريفات الجديدة التي أعلنها الحكومة الأمريكية، والتي يرى الخبراء أنها تلقي بظلالها على آفاق النمو الاقتصادي العالمي وطلب النفط. أدت تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة ودول أخرى إلى زيادة حالة عدم اليقين بشأن استهلاك الطاقة في المستقبل.
تأثير التعريفات الجديدة على سوق النفط
استجاب سوق النفط يوم الخميس سلبياً لإجراءات التعريفات التي أعلنتها الإدارة الأمريكية مؤخراً. يرى المحللون أن هذه التعريفات قد تُبطئ النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي تقلل الطلب على النفط. خلال التداولات، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 22 سنتًا، أو بنسبة 0.31%، لتصل إلى 69.97 دولارًا للبرميل. أما خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي (WTI) فقد انخفض بمقدار 27 سنتًا إلى 68.11 دولارًا للبرميل.
ويعتقد خبراء السوق أن فرض هذه التعريفات سيزيد من حدة التوترات التجارية ويؤثر سلبًا على توقعات الطلب العالمي على النفط. وتظل تباطؤ معدلات النمو في الدول الكبرى المستهلكة للطاقة مصدر قلق رئيسي للمستثمرين.
التعريفات الجديدة وتصاعد التوترات التجارية العالمية
هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفة جمركية عقابية بنسبة 50% على صادرات البرازيل، أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، وذلك عقب خلافات كلامية مع الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الإدارة الأمريكية عن تعريفات جمركية على النحاس وأشباه الموصلات والمنتجات الصيدلانية، وأرسلت رسائل رسمية بشأن هذه التعريفات إلى الفلبين والعراق وكوريا الجنوبية واليابان. أدى توسع هذه السياسات التعريفية على نطاق عالمي إلى مخاوف من اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية وتراجع حجم التجارة الدولية.
وعند تضافرها مع ضغوط اقتصادية أخرى مثل رفع أسعار الفائدة، قد تؤدي هذه الإجراءات إلى تقليل استهلاك الطاقة، لا سيما النفط، مما يخلق ضغطًا نزوليًا على الأسعار.
تأثير السياسة النقدية وأسعار الفائدة على سوق النفط
في الوقت نفسه، كشفت محاضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأخير أن عدداً قليلاً فقط من الأعضاء يؤيدون خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب. إن ارتفاع أسعار الفائدة يجعل الاقتراض أكثر تكلفة، مما يحد من الاستثمارات والاستهلاك.
ونظراً لحساسية الطلب على النفط تجاه الظروف الاقتصادية وأسعار الفائدة، يُتوقع أن يؤدي رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى خفض الطلب على النفط، وهو ما يفسر جزئيًا الانخفاض الأخير في الأسعار.
حالة العرض والطلب في الولايات المتحدة
وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)، ارتفعت مخزونات النفط الخام الأسبوع الماضي، مما يشير إلى توفر معروض كافٍ محليًا. ومع ذلك، انخفضت مخزونات البنزين والمنتجات المقطرة.
وزاد الطلب على البنزين بنسبة 6% ليصل إلى 9.2 مليون برميل يوميًا، وهو مؤشر على ارتفاع الاستهلاك الداخلي والنشاط الاقتصادي. وتساهم هذه المعطيات في تخفيف بعض المخاوف بشأن تراجع الطلب، وتعمل على موازنة الضغط النزولي على الأسعار إلى حد ما.
النظرة العامة للسوق العالمية والنشاط الاقتصادي
تشير الإحصاءات العالمية إلى أن متوسط عدد الرحلات الجوية اليومية خلال الأيام الثمانية الأولى من يوليو بلغ رقماً قياسياً جديداً عند 107,600 رحلة. وسجلت الصين أعلى عدد رحلات خلال خمسة أشهر، مما يدل على تعافي في قطاع النقل والتجارة العالمية.
وتشير الأنشطة المينائية وحجم الشحنات إلى توسع مستدام في التجارة الدولية. وأفادت شركة جيه بي مورغان أن نمو الطلب العالمي على النفط حتى الآن هذا العام بلغ متوسط 0.97 مليون برميل يوميًا، وهو قريب من توقعاتها البالغة مليون برميل.
ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة بشأن تأثير التعريفات والسياسات الحمائية على سلاسل التوريد والنمو الاقتصادي. وإذا استمرت التوترات التجارية، فقد يتباطأ نمو الطلب على النفط، مما يفرض تحديات إضافية على السوق.
الخلاصة
يتشكل سوق النفط الحالي بفعل عدة عوامل رئيسية: التعريفات الأمريكية الجديدة التي قد تعيق النمو الاقتصادي والطلب، وارتفاع أسعار الفائدة والضغوط التضخمية، إلى جانب مؤشرات إيجابية في الطلب مثل زيادة استهلاك البنزين وحركة الطيران العالمية.
تخلق هذه العوامل مجتمعة تقلبات في الأسعار وحالة من عدم اليقين. لذا يتعين على المشاركين في السوق مراقبة تطورات التجارة العالمية والظروف الاقتصادية عن كثب لاتخاذ قرارات مستنيرة في بيئة عالية المخاطر.